فصل: وفاة الأخشيد وولاية ابنه أنوجور واستبداد كافور عليه واستيلاء سيف الدولة على دمشق.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة الأخشيد وولاية ابنه أنوجور واستبداد كافور عليه واستيلاء سيف الدولة على دمشق.

ثم توفي الأخشيد أبو بكر بن طغج بدمشق سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وقيل خمس وولى مكانه أبو القاسم أنوجور وكان صغيرا فاستبد عليه كافور وسار من دمشق إلى مصر فخالفه سيف الدولة فسار إلى حلب وزحف أنوجور في العساكر إليه فعبر سيف الدولة إلى الجزيرة وحاصر أنوجور حلب أياما ثم وقع الصلح بينهما وعاد سيف الدولة إلى حلب وأنوجور إلى مصر ومضى كافور إلى دمشق وولى عليها بدرا الأخشيدي المعروف بتدبير فرجع إلى مصر فأقام يدبر بها سنة ثم عزل عنها وولي أبو المظفر طغج وقبض على تدبير.

.وفاة أنوجور ووفاة أخيه علي واستبداد كافور عليه.

ثم علت سن أبي القاسم أنوجور ورام الاستبداد بأمره وإزالة كافور فشعر به وقتله فيما قيل مسموما سنة ونصب أخاه عليا للأمر في كفالته وتحت استبداده إلى أن هلك.

.وفاة علي بن الأخشيد وولاية كافور.

ثم توفي علي بن الأخشيد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة فأعلن كافور بالاستبداد بالأمر دون بني الأخشيد وركب بالمظلة وكتب له المطيع بعهده على مصر والشام والحرمين وكناه العالي بالله فلم يقبل الكنية واستوزر أبا الفضل جعفر بن الفرات وكان من أعاظم الملوك جوادا ممدوحا سيوسا كثير الخشية لله والخوف منه وكان يداري المعز صاحب المغرب ويهاديه وصاحب بغداد وصاحب اليمن وكان يجلس للمظالم في كل سبت إلى أن هلك.

.وفاة كافور وولاية أحمد بن علي بن الأخشيد.

ثم توفي كافور منتصف سبع وخمسين وثلاثمائة لعشرة سنين وثلاثة أشهر من استبداده منها سنتان وأربعة أشهر مستقلا من قبل المطيع وكان أسود شديد السواد واشتراه الأخشيد بثمانية عشر دينارا ولما هلك اجتمع أهل الدولة وولوا أحمد بن علي بن الأخشيد وكنيته أبو الفوارس وقام بتدبير أمره الحسن ابن عمه عبد الله بن طغج وعلى العساكر شمول مولى جده وعلى الأموال جعفر بن الفضل واستوزر كاتبه جابر الرياحي لم أطلق ابن الفرات بشفاعة ابن مسلم الشريف وفوض أمر مصر إلى ابن الرياحي.

.مسير جوهر إلى مصر وانقراض دولة بني طغج.

ولما فرغ المعز لدين الله من شواغل المغرب بعث قائده جوهر الصقلي الكاتب إلى مصر وجهزه في العساكر وأزاح عليها وسار جوهر من القيروان إلى مصر ومر ببرقة وبها أفلح مولى المعز فلقيه وترجل له فملك الإسكندرية ثم الجيزة ثم أجاز إلى مضر وحاصرها وبها أحمد بن علي بن الأخشيد وأهل دولته ثم افتتحها سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وقتل أبا الفوارس وبعث بضائعهم وأموالهم إلى القيروان صحبة الوفد من مشيخة مصر وقضاتها وعلمائها وانقرضت دولة بن طغج وأذن سنة تسع وخمسين في جامع ابن طولون بحي على خير العمل وتحولت الدعوة بمصر للعلوية واختط جوهر مدينة القاهرة في موضع العسكر وسير جعفر بن فلاح الكتامي إلى الشام فغلب القرامطة عليه كما تقدم ذلك في أخبارهم.

.الخبر عن دولة بني مروان بديار بكر بعد بني حمدان ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم.

كان حق هذه الدولة أن نصل ذكرها بدولة بني حمدان كما فعلنا في دولة بني المقلد بالموصل وبني صالح بن مرداس بحلب لأن هذه الدول الثلاث إنما نشأت وتفرعت عن دولتهم إلا أن بني مروان هؤلاء ليسوا من العرب وإنما هم من الأكراد فأخرنا دولتهم حتى ننسقها مع العجم ثم أخرناها عن دولة بني طولون لأن دولة بني طولون متقدمة عنها في الزمن بكثير فلنشرع الآن في الخبر عن دولة بني مروان وقد كان تقدم لنا خبر باد الكردي واسمه الحسين بن دوشك وكنيته أبو عبد الله وقيل كنيته أبو شجاع وأنه خال أبي علي بن مروان الكردي وأنه تغلب على الموصل وعلى ديار بكر ونازع فيها الديلم ثم غلبوه عليها وأقام بجبال الأكراد ثم مات عضد الدولة وشرف الدولة ثم جاه أبو طاهر إبراهيم وأبو عبد الله الحسن إلى الموصل فملكاها ثم حدثت الفتنة بينهما وبين الديلم وطمع باد في ملك الموصل وهو بديار بكر فسار إلى الموصل فغلبه ابنا ناصر الدولة وقتل في المعركة وقد مر الخبر عن ذلك كله فلما قتل خلص ابن أخته أبو علي بن مروان من المعركة ولحق بحصن كيفا وبه أهل باد وذخيرته وهو من أمنع المعاقل فتحيل في دخوله بأن خاله أرسله واستولى عليه وتزوج امرأة خاله ثم سار في ديار بكر فملك جميع ما كان لخاله باد وزحف إليه ابنا حمدان وهو يحاصر ميافارقين فهزمهما ثم رجعا إليه وهو يحاصر آمد فهزمهما ثانيا وانقرض أمرهما من الموصل وملك أبو علي بن مروان ديار بكر وضبطها واستطال عليه أهل ميافارقين وكان شيخها أبو الأصغر فتركهم يوم العيد حتى اصحروا وكبسهم بالصحراء وأخذ أبا الأصغر فألقاه من السور ونهب الأكراد عامة البلد وأغلق أبو علي الأبواب دونهم ومنعهم من الدخول فذهبوا كل مذهب وذلك كله سنة ثمانين وثلاثمائة.